الاثنين، 18 أغسطس 2014

كلمة هادئة الى الاطار القيادي للمقاومة الفلسطينية: د. يوسف عبد الحق


كلمة هادئة الى الاطار القيادي للمقاومة الفلسطينية:د. يوسف عبد الحق


غدا الاثنين 18/8/2014 يكون قراركم بشأن العملية السياسية في القاهرة، وهو من اخطر القرارات الفلسطينية بعد اوسلو الكارثية، تتراكم امامكم سيول من حروف الانهزام واليأس والاحباط والوعيد والتهديد من مختلف جنبات الكون بقصد الحاق الهزيمة السياسية بكم بعد أن عجز التحالف الصهيوني الامبريالي الأمريكي من هزيمنكم عسكريا.
 صحيح أن شعبنا في مواجهته للمحرقة الصهيونية لغزة العزة دفع ثمنا باهظا من الشهداء والجرحى والدمار الشامل نتيجة جرائم المحرقة الصهيونية، وهذا هو طبع الارهاب الامبريالي في كل تاريخ التحرر الوطني لجميع شعوب العالم وفي مقدمتها شعب الأربعة ملايين شهيد لفيتنام وشعب المليون شهيد للجزائر، ولكن جوهر كل ذلك ليس في حجم الجريمة الصهيونية الامبريالية على وحشيتها بل هو  في كيفية ادارة المعركة السياسية لتحويل هذه التضحيات الى رواسي في الأرض تناطح عنان السماء لمسيرة الحرية والعدالة لشعبنا الفلسطيني دفاعا عن حقوقه المشروعة والثابتة غير القابلة للتصرف في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة الكاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران والخالية من الاستيطان الصهيوني وعاصمتها القدس.
 اكدت المحرقة الصهيونية أن المقاومة الفلسطينية مقتدرة وان الاحتلال عاجز ، فالمقاومة ولأول مرة في تاريخ صراعنا مع التحالف الصهيوني الامبريالي وبدون تفصيل،  باتت متوطدة الاركان في الداخل ومقتدرة على تحويل التجوال الارهابي الصهيوني في الداخل من سياحة ترفيهية الى نزيف متدفق لهذا التحالف العدواني، وهو تغير استراتيجي في معادلة الصراع لا يمكن وفق المحددات الداخلية من اعادته الى الخلف بالقوة الارهابية الصهيونية التى بلغت ذروتها موضوعيا.
نتج عن ذلك تلاحم شعبي فلسطيني عارم في الداخل والخارج مع فلسطين المقاومة واستنهاض واضح المعالم للدور الشعبي العربي في دعم هذه المقاومة، وهو ما جعل الجميع ينظرون لكم قيادة وطنية جماعية موحدة للشعب الفلسطيني. أما على الصعيد العالمي فإنه ورغم استماتة الامبريالية العالمية في دعم المحرقة فقد تحركت ملايين البشر دعما للمقاومة وبادرت معظم حكومات امريكا اللاتينية الى سحب سفرائها من الكيان الصهيوني تلاحما مع المقاومة الفلسطينية.

مفاد القول أن المقاومة الفلسطينية اليوم تمتلك القدرة الجارحة والقدرة الناعمة وهو وضع لم يتحقق للمقاومة الا في سبعينات القرن الماضي حيم انتزعت المقامة من الأمم المتحدة الاعتراف ب م. ت. ف ممثلا شرعيا ووحيدا لفلسطين فيها وكذلك الاقرار بالحقوق المسروعة والثابتة غير القابلة للتصرف.  بل إن المقاومة الفلسطينية اليوم هي أقوى عسكريا وسياسيا مما كانت عليه في ذلك الوقت باعتبارها مقاومة الداخل تفتك  في كبد العدو.

يعني ذلك انكم باعتباركم اطارا قياديا للمقاومة قادرون تماما على تخقيق انجاز نوعي لشعبنا من خلال اعتماد موقف سياسي موحد يقول لا وقف لاطلاق النار ولا تهدئة ولا هدنة الا اذا وافق الكيان الصهيوني على الحد الأدنى من حقوقنا الانسانية وهو الانسحاب البري والجوي والبحري من من أرض غزة وبحرها وجوها وبعدها ليغلق معابره مع غزة الى الابد والى ما بعد الأبد.
إن تاريخ العنصرية الصهيونية لا يحتاج الى تبيان لكم فكلكم على معرفة عميقة بأهدافه وسلوكياته، هويريد أن يجعل غزة رهينة وطعما في نفس الوقت للشعب الفلسطيني بحيث لا يفرج عنها الا بالموافقة العلنية او الضمنية على ابتلاعه الضفة,
إن تحرر غزة الحقيقي من الاحتلال يستلزم الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في أرضه وبحره وجوه في غزة، وهذا يجعل غزة عزة فلسطين قادرة على التلاحم مع الضفة في المعارك القادمة،
باختصار وبكلمات آخرى لا للهدنة بغير المطار والميناء والاستنزاف هو البديل، إن كل ما غيرذلك ليس سوى ادامة للاحتلال في تحكمه بحياة غزة وهو ما لا يمكن قبوله يعد هذه التضحيات التي لم يسبق لها مثيل. والشعب لا ينسى.
نابلس/ دولة فلسطين المحتلة 17/8/2014

الجمعة، 13 يونيو 2014

ماذا يريد ابومازن : مقاومة شعبية أم مراقصة شعبية!!! د. يوسف عبدالحق



في ضوء قمع الأمن الفلسطيني للحراك الشعبي القلسطيني:

ماذا يريد ابومازن : مقاومة شعبية أم مراقصة شعبية!!!    
                       د. يوسف عبدالحق



تداعت "القوى والمؤسسات واللجان الشعبية" في نابلس يوم الخميس 12/6/2014وهو اليوم الخمسين لإضراب أسرانا عن الطعام والذي يصادف العام الخمسين لاعتقال الراحل العظيم نيلسون مانديلا، وقد تم ذلك بالتنسيق مع لجنة التنسيق الفصائلي في محافظتي نابلس وجنين، وقد تحركت الحافلات نحو محكمة سالم ولكن بعد تحركها بساعة تقريبا تواردت الأنباء أن الأمن الفلسطيني وليس الاسرائيلي يقوم بتوقيف الحافلات واجبارها الى العودة من حيث أتت،  وحين منع الأمن الفلسطيني عند مثلث الشهداء على مدخل جنين  في حدود الساعة 11:115 صباحا مرور احدى الحافلات الى محكمة سالم  والتي كانت تضم الى جانب النشطاء الفلسطينيين بعض المتضامنين الدولية من حركة  التضامن من أجل فلسطين حره  "SFP"، حاول النشطاء فيها التفاهم مع الأمن الفلسطيني للسماح لهم بالمرور، إلا أن الأمن الفلسطيني  أصرعلى موقفه ، وحين سئل لماذا يتم منعنا من نصرة أسرانا وهو يقاتلون بأمعائه  الخاوية ويمارس ضدهم ابشع انواع القهر العنصري ؟؟ أجاب قائد القوة الأمنية  " إنها أوامر عليا "،
والجدير بالذكر أن الأمن الفلسطيني قبل ذلك بثلاثة أيام اقتحم خيمة الاعتصام لدعم الأسرى في نابلس حوالي الساعة العاشرة والربع مساء حين كانت تحتفل بتحرر اسير من حماس واعتقلت البعض وطاردت البعض الآخر وكان من بين المعتقلين المفوض من لجنة التنسيق الفصائلي بالاشراف على الخيمة.
واكثر من ذلك فرق الأمن الفلسطيني قبل يوم من منع اعتصام محكمة نابلس مسيرة للتضامن مع الاسرى واعتدى على النواطنين والصحفيين في الاعتصام، وحين انكشف هذا القمع صرحت قبادات السلطة اسلياسية والأمنية أنه سيتم مساءلة من اعتدى من الأمن على الصحفييين ، أما المواطنون فهم مجرمون يستحقون ما أصابهم !!!عجب عجاب أمر هذه القيادات بل الأعجب من هذا العجاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس القائد العام للقوى الأمنية الفلسطينية ، فهو من ناحية يلح في كل مناسبة على حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة الشعبية دفاعا عن حقوقه المنهوبة من الأبارتهايد الاسرئيلي واحتلاله ، وفي نفس الوقت يسمح لقوات أمنه بقمع المقاومة الشعبية وحركة التضامن مع الأسرى!!!!!

وبعد تمعن طويل عميق استغرق الليل كله فهمت حقيقة مفهوم الرئيس ابو مازن لمقاومته الشعبية، فهو يقصد بها مراقصة شعبية !!!!!!
13/6/2014

الأربعاء، 11 يونيو 2014

حكومة وفاق أم حكومة مقايضة !!! د.يوسف عبدالحق



حكومة وفاق أم حكومة مقايضة !!!
                                                د.يوسف عبدالحق

بداية وحتى لا تنفلت أبواق المنتفعين منهم من قضى وتره ومنهم من ينتظر، أقول ليكون الجميع على يقين تام، بأنني وغيري من ملايين الشعب الفلسطيني يرى في الانقسام ويلا ثبورا ليس فقط على الشعب وقضيته بل وحتى على كل وطني فلسطيني  ، وعليه فلا يوجد وطني فلسطيني واحد لم يعمل قدر استطاعته لانهاء الانقسام ولم يعتمر عقله وقلبه في الأمل الصادق في التفاهم الذي تم بين قيادتي فتح وحماس على تشكيل الحكومة الحالية.
 
بيد أن تفاؤل الارادة وحده والذي سبقت الاشارة له، في تحليل وفهم التحديات الأساسية لا يكفي ،بل لا بد ان برتبط ويستند الى تشاؤم العقل. يقول تشاؤم العقل هل هذا الوفاق المذكور عالج اساسيات الخلاف بين القيادتين المذكورتين والتي كانت كل قيادة تطرحها في وجه الأخرى؟ قيادة حماس طرحت أن قيادة فتح بنهجها الأوسلوي التفردي تضرب القضية الفلسطينية في العمق، وتدمر بنية الحركة الوطنية الفلسطينية  الأمر الذي يستلزم من هذه القيادة التراجع عن هذا النهج جذريا. في المقابل طرحت قيادة فتح أن قيادة حماس بنهجها الديني التفردي تضرب القضية  الفلسطينية في العمق وتدمر الحركة الوطنية الفلسطينية الأمر الذي يستلزم من هذه القيادة التراجع جذريا عن هذا النهج، وفي ظني أن كلا الطرحين حق، ولكن هل كل من القيادتين أرادت الحق من طرحها؟؟ ثم هل تراجعت أي من القيادتين عن نهجها في عملية تشكيل حكومة الوفاق؟؟
 
لندع التحليل يبدأ من السهل الممتنع وهو التفرد، تشاركت قيادتي فتح وحماس فقط  في بناء الحكومة، وهذا يعني أن كل منهما تخلى عن تفرده جزئيا تجاه الآخر وقبل بالتشاركية الثنائية، ولكن في نفس الوقت أسست حكومة الوفاق الى تفردية أشد في تغولها وأمتن في تحكمها ، تجاه الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، ذلك أن الحكومة ستمكن الطرفين من اقتسام الكعكة بما يرضي الطرفين دون اي اعتبار للمصالح العليا للشعب الفلسطيني في العدالة والمساواة والكرامة، وبالتالي سيكون سلاح الاستئثار والتنفيع والفساد والافساد على سبيل المثال أقوى وأمضى في مواجهة الشعب مما كان سابقا باعتباره هذه المرة سيكون مغطيا بقوة حكومة ثنائية التفرد بين القيادتين.
أما في جانب النهجين السياسين لكل من القيادتين  (الأوسلوي لقيادة فتح  والديني لقيادة حماس) سيندفع البعض ليقول أن هذا الخلاف سيتم علاجه في اللجنة القيادية لتفعيل م.ت.ف، وقد يكون ذلك صحيحا، ومع ذلك فإن استشراف القادم اعتمادا على التحليل الموضوعي  يؤكد أن القيادتين ليس لديهما حاليا اي جدية في استبدال نهجيهما، ذلك أن استبدال النهج يستلزم بداية الرغبة والقدرة لدي القيادتين  لتوفير المستلزمات الأساسية  لاستبدال نهجهما، وبقراءة الواقع يتضح أن القيادتين ليس لديهما الرغبة ولا القدرة حاليا على توفير ذلك بدليل تاريخ كل قيادة إضافة الى طبيعة أشخاص وزراء الحكومة، وبالتالي فأن النتيجة في اللجنة القيادية للتفعيل يرجح ان تؤدي الى استمرار كل قيادة في نهجها مع اقتسام سلطة م.ت.ف كما اقتسام الحكومة بما يرضي الطرفين بعيدا عن المصالح العليا للشعب الفلسطيني الأمر الذي يعني أن هذا الوفاق الثنائي لن يخلق مناخا ملائما لخلق قوة الوحدة الوطنية في مواجهة عدوان التحالف الامبريالي الصهيوني المتغول ،بقدر ما يخلق فرصة لكل طرف للنمو على حساب الآخر.

ولعل القول بان ما تم هو حكومة مقايضة لا حكومة وفاق، هو تعبير لا يتجاوز الموضوعية في التحليل، فقد قايضت قيادة حماس حاجتها للمعابر المصرية مقابل مشاركة قيادة فتح في اقتسام السلطة، في حين قايضت قيادة فتح حاجتها للغطاء السياسي في استمرار المفاوضات الفتاكة مقابل مشاركة حماس في اقتسام السلطة وهو ما يعني حصد المنافع لكل طرف بعيدا عن المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن، وبالتالي فرغم التحسن البسيط في الموقف الفلسطيني نتيجة هذه المقايضة في المدى القصير، فان الوضع على المدى المتوسط سيكون أسوأ أمام التغول الاستعماري العنصري الاسرائيلي. ولعل الرضوخ في الحكومة لتهميش أو إلغاء وزارة الأسرى تحت الضغط الامبريالي الصهيوني هو مؤشر غاية في القتامة في ظل معركة التصدي للاعتقال الاداري التي تقوم اساسا على الأمعاء الخاوية منذ أربعين يوما والجميع يجلس أمام الهاتف مطالبا أو منتظرا  منفعة من هذه الحكومة او من حواشيها.
في ظل ضوء السراب المزوغ للبصر، يبقى شعاع أمل كامن في مفهوم القوى اليسارية والديمقراطية يضرب جذوره في الجماهير الشعبية وشخصياتها المناضلة مما يستلزم من هذه القوى وبخاصة الجبهة الشعبية لما لها من موروث نضالي في المبادرة والتصدي للأزمات، اطلاق شعاع التجمع اليساري الديمقراطي على أساس إعادة بناء م.ت.ف على اساس برنامج مجتمعي وطني تنظيمي بقوم في شقه المجتمعي على الديمقراطية والتعددية وحرية الاعتقاد والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية ، وفي شقه الوطني على الدفاع عن الحقوق المشروعة والثابتة غير القابلة للتصرف في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وفي شقه التظيمي على انتخابات حرة ديموقراطية للمجلس الوطني الفلسطيني من قبل الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده وذلك وفق التمثيل النسبي الكامل. إن تشكيل أوسع تحالف يساري ديمقراطي وفق ما سبق  ليس خيار  فحسب بل هو ضرورة تاريخية ملحة ستكون معيار التاريخ الفلسطيني في مساءلة القوى اليسارية الديمقراطية.       
نابلس 3/6/2014

الجمعة، 7 مارس 2014

دين الحب في الحرية ............. د. يوسف عبد الحق

دين الحب في الحرية

   د. يوسف عبد الحق


طاف شوك النار في كل الزوايا

عاث في الارواح جلدا

فت اعضاد الرجال مع النساء

بسلاح دين العنصرية

 بسلاح إفقار العباد

بقوى التخلف في البرية

بات جل الشعب في القهر سواء


*********

تنهيدة الحجر المخضب بالدماء

دندنت بالحب في كل مجال

ليس مالا او رخاء

تعلن الحرية للناس دينا

تحكي عبير الأنسنة

يروي جذور جذورها

من اليباب الى السماء


*********

وتسامى العشق قطراتِ ندى

نزلت على الوديان في كل البقاع

وتراكمت سيلا عظيما مع حصى

فتعالى  صوت الخرير من المياه

نغما  رهوفا بعتلي روح الجياع

حرة للنور للعشق الحنون

بسحق القهر ، قهر  التخلف قهر الاحتلال

حرة تبني السعادة في الثرى

موئل العشاق في كل زمان  


*********

صحصحت في خدرها من  نداءات الحياة

ركزت في روحها، في ذهنها ، في سمعها

فرأت طيف نور خارقا كل الجباه

لملمت اطرافها احشاءها مع وعيها

حلقت فوق ابراج القباب

وعلت قفار الدهر نورا  ومياه

هزمت فيافي القهر

رغم كل أنواع الطغاة


******

شخصت عيناه في القيعان في الوادي العميق

فرك العينين ظنا انه في الحلم يعيش

هزهز الرأس قليلا

عله من حلمه سوف يفيق

وأعاد العين تنظر ما يصير

فرآها درة تعتلي كل النجوم

فاحتسى منها جمالا ساطعا

يرسل الفتنة في احلى بريق


*****

لاحظت من برجها عزمه الصارم حرا

رغم مآسي الدهر واهوال الزمن

قفز المقهور يحدوه الأمل

متسلقا خيط نور الجاذبية سحرها

واذا بها تتهادى نحوه في غيها

فيذوب عشقا في ثناياها صهيلا

وبروقا ورعودا ومطر

تعلن الحرية والحب دينا

قاهرا كل اصناف المحن


*********

الجمعة، 14 فبراير 2014

الفساد منهج حكم المال والتبعية والاستبداد............د. يوسف عبد الحق

الفساد منهج حكم المال والتبعية والاستبداد..... د. يوسف عبد الحق


ملأ النظام الرأسمالي جنبات السماوات والأرض بشعاراته البراقة المضللة لتغطية استغلاله البشع للكادحين في العالم سواء من يعيش منهم في الدول المتخلفة أو في الدول الرأسمالية المتقدمة وإن كان قد عمل في هذه الحالة الأخيرة على تخفيف استغلاله من خلال رشوة الكادحين فتاتاً من الفوائض الفلكية المالية التي نهبها من ثروات الشعوب المتخلفة عن طريق فرض هيمنته المطلقة بالقوة الجارحة أو الناعمة على تلك الشعوب.

ولعل بسملة هذه الشعارات الرنانه تتجلى في مقولة أن الرأسمالية بحكم ديمقراطيتها السياسية، هي المنهجية الوحيدة الكفيلة بحماية الحكم والمجتمع من آفة الفساد من خلال حكم القانون القائم على استقلال السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مما يمكن القضاء من استئصال داء الفساد من جذوره. لقد تمكنت هذه المقولة الزائفة من عقول الكثرة من الناس في المرحلة الحالية لأن الديمقراطية المؤنسنة التي نادت بها الاشتراكية اختزلت اعتباطا من قبل الحكم الاشتراكي بالديمقراطية الاجتماعية فقط حارمة الشعب من الديمقراطية السياسية مما جعله يقع تحت استبداد قلة من قيادات الحزب الحاكم الذين عاثوا في مرحلة ما، فسادا عارما في طول البلاد وعرضها . إن هذا التحريف للديمقراطية من قبل حكام الاشتراكية سمح للرأسمالية بالظهورالخادع بأنها حامية حمى النزاهة والأمانة في العالم.

ولكن الحقيقة هي أن هذا التحريف لدى الحكم الاشتراكي يتناقض تماما مع الديمقراطية في النظرية الاشتراكية التي عبر عنها ماركس  بوضوح تام حين أكد أنها تعمل على إقامة الديمقراطية الحقيقية لجميع طبقة العمال الذين باتوا في ظل الاشتراكية هم كل الشعب باعتبار أن وسائل الانتاج في هذه الحالة تصبح ملك المجتمع وبالتالي يتحول كل فرد في سن العمل في المجتمع إلى عامل لدى المالك الوحيد لوسائل الانتاج وهو المجتمع ممثلا بشكل ديمقراطي بالدولة .

 إن هذا الفهم للديمقراطية يعني سحب سيف راس المال من القلة المحتكرة له وجعله ملكا للمجتمع برمته مما يحرر الجميع من تحكم سيف المال في حرية التعبير بحيث يصبح اتخاذ القرار في المجتمع يقوم على قوة الحجة لكل رأي أو موقف  في اقناع الغالبية من الشعب وليس على قوة تحكم رأس المال وسطوته.هذه هي الديمقراطية الحقيقية الاجتماعية والسياسية، أي الديمقراطية العمالية التي  أطلق عليه ماركس مجازا ديكتاتورية العمال أي ديكتاتورية الشعب باعتبار أن الشعب في هذه الحالة يصبح حقا صاحب القرار بنفسه ولنفسه وذلك في مقابل ديمقراطية رأس المال التي هي في الواقع ديكتاتورية رأس المال أي ديكتاتورية بضعة أفراد يستغلون الشعب بقضه وقضيضه بحكم احتكارهم لسيف المال البتار.

يتضح من كل ذلك أن الديمقراطية الرأسمالية هي مجرد تحكم هوامير المال في الثرة والحكم بصرف النظر عن المظاهر الخداعة من انتخابات تحكمها سطوة المال ومن فصل للسلطات يرزح تحت هيمنة رأس المال، ومن حريات للتعبير على قاعدة تحدث ما تريد والمال يفعل ما يريد، وهو ما يؤدي إلى تعميم الفساد بحيث تصبح  شعارات الأمانة والنزاهة والشفافية والمساءلة مجرد شذوذ عن القاعدة العامة في النهب والسلب.

 لقد أكد نعوم تشومسكي في كلمته أمام مؤتمر حول اقتصاديات الدول المتخلفة عقد في القاهرة أواخر تسعينات القرن الماضي أن الفساد في الاقتصاد الامبريالي هو من ماهية هذا الاقتصاد لأن رأس المال لا يمكنه أن يمارس استغلاله للكادحين إلا من خلال رشوة أركان الحكم الذين بدورهم يرشون القيادات الأدنى وهكذا حتى يعم الفساد في البلاد. ولعل العرض البشع للفساد الذي تجلى في الأزمة الاقتصادية العالمية التي تفجرت في الولايات المتحدة الأمريكية خربف 2008 ومن ثم تفشت في في كل العالم الرأسمالي يشكل الدليل القاطع على صدقية هذا الطرح. والحقيقة ان مسألة الفساد والاحتيال هي خاصية اصيله في الرأسمالية في جميع عصورها ويكفى لتأكيد ذلك أن نتذكر قضية احتيال وليم ميللر عام 1899 البالغة مليون دولار ثم قضية احتيال تشارلز بونزي عام 1919 البالغة 20 مليون دولار في حين بلغت قيمة اكبر قضية احتيال شخصية عام 2008 لبرنارد مادوف 865 مليار دولار، تمت كل هذه الاحتيالات في قمة الرأسمالية في الولايات المتحدة وهو ما يؤكد مقولة نعوم تشومسكي في أن الفساد لصيق بالراسمالية رغم اختلاف احجامه تبعا لتطورحجم النهب الراسمالي.