حقا كم هم عباد الدولار وحكامه خداعين ومضللين ومدمرين،
وكم نحن المقهورين، جماهير الأنسة في كل مكان ، مخدرين ومغشوشين ومدمرين من قبل الدولار وحكامه وعبيده،
حين فشلت التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي السابق، سرعان ما هطلت على البشرية عبارات مسفة ومسمومة من أفواه عقول تربعت على عرش العلوم الإنسانية بسطوة حكم المال،كانت ولا تزال تزيف الوعي، وتدجل على الناس، وتخدر البشرية بشعوذة الخصخصة باعتبارها نهاية التاريخ، وتزرع الحقد بين الأمم بطلاسم صراع الحضارات تستفز حضارة بحضارة، وتستعدي دينا على دين، وتخلق الفتن بين الأمم، كل ذلك بهدف واحد وحيد هو استبعاد الحقيقة الاشتراكية الماركسية عن أذهان الشعوب، بل العمل على دفنها في أعماق الأرض بلا رجعه، فسخرت عنوة كل ما اكتشفه واخترعه الإنسان لافتعال فيضان غامر بالترهات مرَنَّمَةً ترنيما على لحن السوق الحرِّ المبهرج شكلا القاتل فعلا.
لم يمض على هذه الغوغائية الرأسمالية بضع سنوات حتى بدأت الحقيقة تتكشف شيئاً فشيئاً،
ففي أواسط التسعينات من القرن الماضي انهارت أسواق المال في موئل النمور الورقية في جنوب شرق آسيا،
وفي بداية القرن الحالي انفجرت في الولايات المتحدة رب الرأسمالية الامبريالية، فقاعة النت ( لاحظ التسمية لتهميش ما حدث)والتي تمثلت بانهيار أسهم شركات النت والبرمجيات،
تلتها في عام 2005/2006 أزمة العقارات واسهما ثم بركان انهيار شركات الرهن العقاري والتأمين والبنوك خريف 2008 والتي طالت كل مكونات الاقتصاد الأمريكي بل وعمت كل الدول الرأسمالية في أوروبا وآسيا فابتلعت ولا زالت تبتلع الأخضر واليابس في الاقتصاديات الرأسمالية، فقد أفلست الكثير الكثير من الشركات والبنوك،
لقد أكدت كل المعلومات المتاحة عالميا أن السبب الأساسي في هذه المأساة فساد رأس المال وانحطاط قيمه في تركيم الثروة، فقد عمل على خلق اقتصاد وهمي ورقي من خلال سيل من الأوراق المالية(أسهم، سندات، رهم، تأمين..... ) بلغت قبل الأزمة 3.7 تريليون دولار بحيث من خلال دوران التعامل فيها بلغ ما يتم من صفقات مالية دولية بالأوراق المالية ومنها النقد والذهب وغيرهما حوالي ألف تريليون يوميا،ونتيجة الأزمة انخفضت قيم الأوراق المالية في العالم إلى نحو 332مليار دولار أي بنسبة تزيد عن 90% من قيمتها قبل الأزمة،
كذلك فقد استشرت البطالة في الدول الرأسمالية بنسب لم تعهدها هذه الدول لتصل حوالي 10%،
إضافة لذلك تفجرت أخيرا وليس آخرا أزمة الديون السيادية لتصل في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 16 تريليون دولار.
وطبعا استنفر رأس المال ليستخدم الحكومة التي كانت في عرفه منبوذا في الميدان الاقتصادي، استخدمها لتدفع له خسائره من إيرادات ضرائب الشعب، وقد دفعت ادارة بوش ما لا يقل عن تريليون دولار لتغطية الخسائر ولتمكين عجلة الاقتصاد من الدوران،
وحتى أوباما الذي أعلن في برنامجه الانتخابي لعام 2008 أنه لن يسدد خسارة هوامير المال المسببين الحقيقيين لهذه الأزمة بل سيدفع فقط لمتوسطي الدخل فقط، عاد وتراجع بعد نجاحه ليدفع لشركات التأمين 150 مليار دولار وهو ما يفوق حجم المعونات الاجتماعية المدفوعة للفقراء خلال 16 سنة ( 1990-2006 ) وفقا لما أكده البروفيسور الأمريكي جوزيف ستيغيلتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد.
يضيف ستيغليتز أن 1% من الأمريكيين راكموا ثروة تعادل 40% من جميع الثروة الأمريكية، وأنه في عام 2010 حصلوا على 93% من الثروة الإضافية التي تحققت في البلاد، ويؤكد في كتابه الأخير الذي صدر نهاية 2012 حول علاج الأزمة أنه لا بد من استعادة القيم النبيلة لتصحيح نهج الإنتاج الرأسمالي، وكذلك دور الحكومة الفعال في الإنتاج في السلع الأساسية للشعب وفي الرقابة الحازمة والعادلة على تغول راس المال.
إن أهمية ما قاله ستغليتز تنبع من كونه من صلب الفكر الرأسمالي وليس خارجا عنه، وبالتالي فإنه رغم الأهمية البالغة لأفكاره فإنها تبقى بعيدة عن تلبية حاجات المنتجين المقهورين في هذه البشرية والتي انعكست في العالم على شكل إقبال شديد ة على إعادة قراءة كتب ماركس الاقتصادية من جديد بحيث باتت كتبه الأكثر مبيعا في العالم خلال عام 2009،
وبعد ألم يحن الأوان لنا نحن المقهورين أن نفيق من طلاسم السوق الحر الرأسمالي!!!!!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق