د. يوسف عبدالحق
في التفكير العلمي تحدد الهدف الصحيح وتحشد لتحقيقه الوسائل القادرة على ذلك، نطبق ذلك على هدف حكم الضفة كما يدعيه فياض وهو التحرير لإقامة الدولة المستقلة وهدف حكم غزة كما يدعيه هنية التحرير لإقامة الدولة الإسلامية،
ما هي الوسائل المتاحة للحكمين؟ أدعي وأقول أن كل الوسائل الممكنة مهما كانت كفاءتها تعتمد في فاعليتها في كلا الحكمين على قدرة الشعب الفلسطيني على استيعابها، والشعب أي شعب له مخزون لا ينفذ بخصوص الدفاع عن ذاته ووجوده وحقوقه إذا ما تمكن من حريته في إدارة دفة الأمور،
في الضفة وغزة يعيش الشعب الفلسطيني قهرا متعدد الأس، قهر الاحتلال، قهر قمع الحكمين، قهر الفساد، ، قهر الفقر والقهر الاجتماعي، نتابع ما يفعله الحكمين نجدهما لا يفعلان سوى تعميق كل أنواع القهر الداخلي، لم نسمع عن شخص واحد من الحكمين تمت محاكمته بسبب ممارسته القمع ، الفساد أو القهر الاجتماعي، بالعكس نجد من يمارس ذلك يحظى بمكانة عالية، ففرسان القمع والفساد هم قيادة الحكم، وإذا كان القهر الاحتماعي خاصة للمرأة في غزة بات قبيحا، فالقمع الاجتماعي في الضفة القائم على الأساطير الغيبية ضارب أطنابه في الحياة الاجتماعية وذلك بفعل التأثير السلبي للنصوص القديمة،
باختصار فقد تم إفراغ المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال من قدرته على المبادرة فهو مخدرا بفعل تجويعه من جهة، وحرمانه من حرية التفكير والتعبير من جهة ثانية، واستعباده الاجتماعي من جهة ثالثة وأخيرا وهو الأساس قمع الاحتلال ، ويكفي للدلالة على ذلك أن نتذكر أن البطالة في الضفة بلغت أكثر من 33% في حين في غزة تتجاوز 70%، في ظل كل ذلك من غير المتوقع أن يتمكن المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال أن يمسك بزمام المبادرة لتفعيل كل عناصر القوة الوطنية والعربية والأممية لدحر الاحتلال وإقامة الدولة مهما كان مضمونها وشكلها،
إن هذا يعني أن الحكمين يعملان بوعي أو بدون وعي على تحطيم قدرة المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال وبالتالي يرسخون المأساة الفلسطينية التي مر عليها أكثر من 60 عاما،
هل يعني ذلك أن لاأمل للشعب الفلسطيني في تحقيق حريته، طبعا الجواب لا، ولكن على كل من يتصدى لهذه المهمة الصعبة وخاصة من القوى اليسارية أن يعلم أن البداية هي في تخليص المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال من كل أنواع القهر الذاتي، وهو ما يستلزم التصدي لسياسة الحكمين بحزم بموجب برامج عمل اقتصادية سياسية واجتماعية جدية بعيدا عن الدخول معهما في أي شراكة في الحكم مع العمل من ناحية سياسية على تحشيد ضغط شعبي شديد من أجل إنهاء حالة الانقسام على قاعدة برنامج الاجماع الوطني الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وإعادة بناء م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني على أساس الانتخابات الديمقراطية وفق التمثيل النسبي، فهل يبادر اليسار الفلسطيني الحالي لينال شرف إنجاز ذلك أم يتركه لخلفه في القادم من الزمن؟؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق