الأحد، 11 نوفمبر 2012

آخر الدواء الكي ولكن ... د. يوسف عبد الحق

 
 
حين يستفحل الداء في الانسان يصبح آخر الدواء الكي، أو بالمعنى الحديث تصبح العملية الجراحية لا بد منها ،هذه حقيقة علمية لا جدال فيها،
 
الجدال يصبح حينئذ في ماهية العملية الجراحية ،موقعها ،موعدها ،من سيقوم بها ، وطبيعة أدواتها،
 
إن أي عملية جراحية لا تتوفر فيها المقومات السابقة بشكلها وجوهرها الصحيحين لا بد أن تفشل وتكون نتيجتها قتل المريض,
 
أنعمت النظر مليا في كل ذلك وأنا أعيش عميقا صبيحة هذا اليوم البارد  برد قاسيون القارس يلف ملايين العرب السوريين حملة رايات العروبة ،ومعهم الفلسطينيين وكل من حط بالشام شاهرا سيفه واهما بالنبوة، أعيش بردهم القارس في صباح هذا اليوم وهم ينزفون الدم شلالا  بفعل من افتقر للعقل في الحكم وفي المعارضة وبانحطاط من اشترى الكرسي بقهر الشعب ومن اشهر اسلامه بالوهم الأمريكي في الديمقراطية والدين لقاء وعد  بكرسي المخترة ،
 
أجل أطرقت مليا ومليا ومليا مسطولا بخمرة اللاعقل العربي التي تسودنا اليوم وتساءلت:
=هل نحن العرب اليوم في كل أقطارنا بحاجة لعملية جراحية؟
الجواب نعم، لأن الحكم العربي في كل الأقطار لم يدع مجالا لغير ذلك،
=هل موقع العملية الجراحية التي تجري في سوريا حاليا هو صحيح؟
الجواب لا ، لأن موقع الداء هو الحكم وليس الجماهير المقهورة التي يتم سفح دمها على قاعدة النظرية الدينية القائلة بتدمير القرية تدميرا إذا فسق مترفيها،
= هل موعد العملية اليوم وفي ظل السلبطة الصهيونية الأمريكية الامبريالية على المنطقة موعد مناسب؟
الجواب في ظني لا رغم ان من يحق له الإحابة ليس أنا أو أي شخص غير سوري، بل هو الشعب السوري، وبالتالي جوابي لا يزيد عن  مجرد نصيحة وعليه فإنني أقف مع الشعب السوري ايا كان خياره، فهو في البداية والنهاية صاحب السيادة على وطنه.
 
= هل الشعب السوري هو الذي يقوم بالعملية وهو الذي قرر موعدها ؟
الجواب لا، إن الذي قرر ذلك مستغلا القهر القمعي الذي يعاني منه الشعب هو فئة متدينة سحقها الحكم السوري قبل 30 عاما، واليوم مع انطلاق إرادة الديمقراطية والأنسنة في الوطن العربي استغلت هذه الفئة المتدينة عذابات الشعب للثأر من الحكم ولتسنم سدته تحت وهم الدين مستفيدة من الدعم الامبريالي الأمريكي الصهيوني المتربص بالباب بهدف لا علاقة له لا بالديمقراطية ولا بالدين، وانما جوهر هدفه هو حماية الكيان الصهيوني استراتيجيا بتحطيم القوة السورية إضافة الى حماية مصالحه النفطية، ولقد تبعها بعد ذلك بفعل حكم القهر الأعمى، بعض الفئات العلمانية الأخرى وهو ما أدى إلى جر الشعب الى هذه المجزرة المنشارية التي تنهشه في الذهاب للمعارضة وفي العودة للحكم،
 
هذا يعني أن المسؤولية عن مجزرة الشعب السوري التي نشاهدها اليوم هي مسؤولية مشتركة بين الحكم  الذي لم يدرك عقلانية الحركة التنويرية سواء في التعامل مع المطالب الديمقراطية للشعب أو في مواجهة العقلية الدينية المغلقة المتعطشة للثأر أو في التصدي للمخطط  الإمبريالي الصهيوني الأمريكي  في تدمير سوريا العروبة التقدمية.  هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن ما يجري اليوم تتحمله المعارضة الدينية المغلقة المتعطشة للثأر والتي تحالفت منذ اليوم الأول مع التحالف الامبريالي الصهيوني الأمريكي على القاعدة الدينية المتحجرة بتدمير كل القرية التي يفسق حكامها.
أما الجهة الثالثة التي تتحمل المسؤولية فهي الحركات التنويرية والتقدمية التي ظلت صامتة بل احيانا متحالفة مع الحكم بحكم قصر نظرها وغرقها في نعمة الحكم.
 
والخلاصة أن علاج المشكل السوري لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الحوار بين كل هذه القوى السورية بدون أي تدخل أجنبي بصرف النظر عن حجم مسؤوليتها في هذه الجريمة المجزرة،
وهنا لا بد من كلمة أخيرة تقول من كانت هجرته لكرسي أو لثأر أو لكعبة البيت الأبيض فهو قطعا لا يبحث عن علاج للمرض بل هو لن يرضيه غير تدمير سوريا وبالتالي لا داعي لانتظاره، وحينها على جميع القوى الأخرى ان تلتقي على قاعدة وضع برنامج عمل لاجراء انتخابات حرة ديمقراطية يقوم على أساس جدول الأعمال التالي :
= خطة لتشكيل جكومة وحدة وطنية من جميع الطيف السياسي
= خطة لإعادة صياغة الدستور وفق نظرية الأنسنة المتمثلة في مبادئ المواطنة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية ومبادئ حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي،   
=  خطة لإعادة هيكلية القوى العسكرية والأمنية بما يكفل حيادها،
= خطة لإعادة هيكلة المؤسسة المدنية العامة بما يكفل حيادها,
= خطة لإعادة هيكلية الحياة الحزبية في البلاد
= وختامها خطة لإجراء انتخابات عامة ديمقراطية حرة ونزيهة

هناك تعليقان (2):

  1. مساء الغاردينيا د. عبد الخالق
    أعتقد أن دولنا العربية تعاني من مرض عضال لا أدري متى سـ يتم إستئصاله بـ الشكل الصحيح فـ المرض أستفحل "
    ؛؛
    ؛
    نصر الله شعوبنا العربية المضطهده
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    reemaas

    ردحذف
  2. الفاضلة ريماس
    صباح الأنسنة في الحرية والعدل والحب لأهل الأنسنة
    أتفق معك عميقا عميقا فيما ذهبت اليه وأضيف أن المشكل لا يتوقف في المرض العضال في الحكم العربي على خطورته بل هو يتجاوز ذلك الى العقلية العربية المغلقة التي لا تريد أن ترى غير الماضي والماضي فقط،
    دمت عقلا ناطقا بالأنسنة تنويرا للعقول المغلقة
    مع التقدير والحب

    ردحذف