د.يوسف عبد الحق
يعتبر الأسير في الصراعات المسلحة نقطة قوة للطرف المأسور,يعمل الطرف المأسور على جعل الأسير قيمة اجتماعية وطنية مضافة تعزز قدرته وتضعف قدرة الطرف الآسر من خلال العمل على تحقيق عدة أهداف أهمها تكريس الأسير قدوة اجتماعية وطنية تحتذى,وتطوير قدراته في الأسر, وتقديم الأسير للمجتمع ممثلاً لقضيته الوطنية العادلة .
في الصراع العربي /الصهيوني الامبريالي عملت الحركة الوطنية الفلسطينية منذ اندلاع ثورتها الحديثة عام 1967 على تحقيق هذه الأهداف بشكل أو بآخر .وحديث هذه المقالة هو عن الهدف الثالث أي تقديم الأسير الفلسطيني للمجتمع الدولي مسلحاً بحقوقه السياسية والقانونية والإنسانية لتصبح عدالة قضيته الشخصية معبراً عن عدالة قضيته الوطنية والعكس بالعكس .ولكن وبموضوعية تامة كانت النتائج الفلسطينية في هذا المجال جد هزيلة ,إذ لم تتمكن حتى من انتزاع قرار من المجتمع الدولي باعتبار أسرانا هم أسرى حرب بموجب القانون الدولي.
باختصار شديد يمكن الاستدلال على هزالة النتائج الفلسطينية من خلال المقارنة مع أسرى شعب جنوب إفريقيا بل ومع الأسرى الفلسطينيين القلائل لدى الجنوب الفلسطيني العربي والذين يحملون رسالة عدوانية عنصرية,أسيرين في لبنان مكنا الاحتلال الإسرائيلي من انتزاع شرعية دولية ولو مزورة لحرب مدمرة دامت شهراً ونيف على لبنان ,وأسير في غوزة منحهم حقاً دولياً مزوراً لحصار الجوع على غزة لمدة تزيد على سنتين منذ صيف 2006.
يمكننا تفعيل الثروة الاجتماعية الوطنية للأسرى الفلسطينيين على المستوى الدولي من خلال توفير جدية عقلانية لحمل قضيتهم إلى كل زاوية في هذه الأرض وهو ما يستلزم توفير الاستثمار (ولا أقول الاتفاق) اللازم لذلك .ويبدو لي من خلال نظرة سريعة على موازنة السلطة الفلسطينية وحصة الأسرى منها ,أن الجدية العقلانية مفقودة وبالتالي فإن الاستثمار اللازم لذلك غائب. موازنة وزارة الأسرى بما فيها إعانات الأسرى هي أقل من 3.2% من الموازنة العامة أي ما يعادل 53 مليون دولار لعام 2005 معظمها يذهب لإعانات الأسرى والرواتب والنفقات التشغيلية العادية,ولم يخصص منها سوى أقل من 3300دولار, للاستشارات والدراسات والمؤتمرات ,كيف يمكن لهذا المبلغ السخيف أن يجعل من قضية أسرانا قضية سياسية تحررية حقوقية إنسانية في العالم !!!!
المطلوب لتحقيق هذا الهدف تأسيس "المركز القانوني الدولي للدفاع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين" يتم تشكيله من أعلام القانون الدولي حاملي راية الحرية والعودة للشعب الفلسطيني وهم كثر, وتوفير موازنة استثمارية سنوية لا تقل عن 5 مليون دولار بحيث يتمكن من عقد مؤتمرات دولية سنوية في مختلف العواصم الأساسية العالمية وكذلك ترتيب زيارات شهرية لأطفال الأسرى بواقع 5 أطفال لمختلف العواصم الأساسية في العالم,فهل هذا كثير على أسرانا الذين منحو لنا الحياة التي نعيشها,وأخيراً وليس آخراً فإنه مع الترحيب بحرية عميد الأسرى الفلسطينيين سعيد العتبة ورفاقه,ننظر إلى المناضل أحمد سعدات حامل الراية بشرف الذي اختطفته قوات الاحتلال الإسرائيلي من سجون السلطة الفلسطينية التي أدخل إليه بموجب اتفاقية دولية ونسأل: هل يعقل أن يعجز الشعب الفلسطيني والأمة العربية وأحرار العالم عن رفع قضية دولية أمام محكمة العدل الدولية أو محكمة الجنايات الدولية مثلاً ضد الأطراف الموقعة على الاتفاقية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاحتلال الإسرائيلي !!!!!
القدس، الأراضي الفلطينية المحتلة،11 نيسان، 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق