السبت، 5 سبتمبر 2009

سعدات: روح المسؤولية في زمن اللامسؤولية

د. يوسف عبدالحق

إن سر انتصار نضال الشعوب والأمم الحية يكمن في اعتمادها الأول والأخير على الإنسان المناضل، فهو المنبع الذي لا ينضب لإرادة المقاومة ضد كل أشكال القهر القومي والطبقي، من هنا تأتي الأهمية البالغة التي تتمتع بها قضية الأسرى الفلسطينيين وفي مقدمتهم القائد الوطني والعربي والأممي أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية الذي يدخل إضرابه عن الطعام الآن يومه العاشر في معركة جسورة ضد قمع الجلاد الصهيوني يسانده في ذلك جميع الأسرى الفلسطينيين حيث انضم على الإضراب عددا من الأسرى الفلسطينيين منهم أكرم جبرين، وبسام أبو الرب، ورامز الحاج والأسير يزن الطريفي وغيرهم.

ولا بد ونحن مع سعدات في أسره أن نذكر بعميق الحزن والغضب أن سعدات الذي عجز الاحتلال الاسرائيلي عن اعتقاله طيلة 3 أشهر من المطاردة الساخنة، إعتقله الأمن الفلسطيني بمكيدة رخيصه في 15/1/2002 تلبية للضغوط الإسرائيلية والأمريكية إثر قيام الشعبية بتصفية الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي صاحب نظرية الترانسفير ( الترحيل الحماعي للفلسطينيين) في 17/10/ 2001 ردا على ارتكاب الاحتلال الاسرائيلي لجريمة إغتيال أبو على مصطفي الأمين العام للشعبية في 27/8/2001، وقد تم بعد ذلك نقل سعدات من المقاطعة في رام الله إلى سجن أريحا في 1/3/2002 بموجب اتفاقية مشبوهة لفك الحصار عن عرفات تمت بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي والحكومتين الأمريكية والبريطانية اللتان تعهدتا بحراسته في سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية بحيث يبقى سعدات في هذا السجن بشكل دائم ، ولكن الاحتلال الإسرائيلي أقدم بعد ذلك وبالتآمر مع الحكومتين الأمريكية والبريطانية مع تواظؤ السلطة الفلسطينية على اقتحام سجن أريحا الفلسطيني واختطاف سعدات منه في 14/3/2006 ، وذلك بالرغم من أن محكمة العدل العليا الفلسطينية قررت في 3/6/2002 إطلاق سراح سعدات ورفاقه، وبالرغم من الاتفاقية المذكورة!!! أليس هذا هو الإرهاب بعينه؟؟؟؟؟

وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال سهل ممتنع :أين مسؤولية كل هؤلاء؟؟ وإذا كان الكيان الصهيوني هو طفل لقيط ولد نتيجة اغتصاب حقوق الشعب العربي الفلسطيني باعتراف بعض المؤرخين اليهود مثل شلومو زانت وإيلان بابي وبالتالي هو قوة خارجة عن القانون الدولي يعربد كيف يشاء، وإذا كانت الحكومتان الأمريكية والبريطانية هما الحماية الحقيقية للعربدة الإسرائيلية بخصوص سعدات وجميع أسرانا البواسل وكل حقوقنا المشروعة، إذا كان كل ذلك كذلك يصبح السؤال أين هي مسؤولية السلطة الفلسطينية في كل ذلك؟؟؟ بل أين هي مسئولية القيادة الفلسطينية بمختلف أطيافها؟؟؟ ثم أين هي المسؤولية العربية والدولية؟؟؟ حقا إنه زمن اللامسئولية على جميع المستويات والصعد.

حين يقرأ المرء ما نشر وينشر عن حياة سعدات: مدرسا بسيطا في معيشته، عميقا في تفكيره، واضحا في موقفه، مندمجا بروحه ووجدانه في قضايا شعبه وأمته وكل المقهورين في الإنسانية جمعاء ، يدرك تماما سر الصمت المريب الرسمي الفلسطيني والعربي والدولي، بل يصبح التآمر عليه منطقا طبيعيا لا بد منه لكل هؤلاء وأولئك حين تسطع حقيقة سعدات القائد الوطني العربي الإنساني في تفانيه في تحمل المسئولية في زمن عز فيه تحمل المسئولية على المستوى الفردي والجماعي، لقد جسد حقا، وفي كل زمان ومكان وحاله مقولة كنفاني " الإنسان قضية" ، ففي الوقت الذي تحدى فيه الاحتلال ببسالة، واجه فيه بصلابة انحرافات سياسات السلطة الفلسطينية، إنه فعلا حامل الراية بشرف في زمن ضاع فيه الشرف إلا من قلة قليلة تنادي بأعلى صوتها باسم كل المقهورين في كل العالم:الحرية لسعدات وكل الأسرى الفلسطينيين وجميع الشعوب المقهورة وتغني مع سعدات بعزم لا يلين:

أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
وأنا حدود النار - فليأت الحصار
وأنا أحاصركم
أحاصركم
كتبت في 18/6/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق