د. يوسف عبدالحق
من أهم المؤشرات الإقتصادية السياسية في مسار الاقتصاد السياسي للمجتمعات المحلية بل وللعالم هو معدل ارتفاع الأسعار أو ما يطلق عليه معدل التضخم، فالتضخم قوة فتاكة للطبقة الشعبية المكونة من الكادحين وأواسط الناس وهي الطبقاj التي تشكل طاقة الدفع الكامنة في المجتمع نحو التطور باعتبارها هي القوة المنتجة والمجددة للحركة الاقتصادية السياسية الاجتماعية، ومن هنا تحرص السياسات الحكومية في كل الدول على مراقبة خطر التضخم والعمل باستمرار على وضع حد لغلوه بأسرع ما يمكن،
وحين ننظر اليوم للأسعار السائدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في الضفة الفلسطينية نجد أن السياسة الحكومية أبعد ما يمكن عن هذا الفهم لخطر جنرال الأسعار، فقد اصبح شائعا أن الرقم القياسي للأسعار يتم تدجينه سياسيا قبل أن يعلن على الملأ. يشير الرقم القياسي الإسرائيلي للأسعار إلى 102.7% للعام 2010 نسبة لعام 2009، في حين أن الرقم القياسي الفلسطيني للأسعار لنفس الفترة هو فقط 103.75 أي بزيادة عن الإسرائيلي حوالي 1% فقط، وهذا يعني أن جميع سياسات الاحتلال القمعية على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبشرية لا يزيد أثرها على الأسعار الفلسطينية نسبة للأسعار الإسرائيلية عن 1%، فإذا زادت الأسعار الإسرائيلية بنسبة 100% فالأسعار الفلسطينية تزيد بنسبة 101% فقط !! وعلينا أن نصدق ذلك!!
ثم إن الرقم القياسي للأسعار في معظم الدول المعنية بالطبقات الشعبية وتطورها تصدر تفصيلا للرقم القياسي للأسعار بحيث يشمل رقما للطبقات الشعبية وآخر لطبقة الأثرياء، ففي الاقتصاد الإسرائيلي بلغ رقم الفقراء 3% ورقم الدخول العالية 2.2%، من المتوقع أن يصل رقم الأسعار الفقراء في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى وفق الرقم الرسمي المذكور ما لا يقل عن 6% باعتبار أن تركز الثروة لدى الفلسطينيين هو أشد بكثير مما لدى الإسرائيليين.
ويزداد الأمر سوءا إذا اتجهنا نحو الزيادة الحقيقية في الأسعار الفلسطينية، ويكفي هنا أن نذكر من واقع أسعار البيع للمستهلك خلال النصف الأخير من عام 2010 للسلع الضرورية للطبقات الشعبية، فمثلا زادت أسعار الزيوت النباتية غير زيت الزيتون بنسبة لا تقل عن 35% وسعر الخبز، والحمص، والعدس 15%، والسكر 25% والحليب الجاف 10% والحلاوه 11% وحتى الكعك زاد سعره بنسبة 25%، ترجح هذه الأرقام أن لا يقل الرقم القياسي للأسعار للطبقة الشعبية التي تشكل اليوم أكثر من 90% عن 10%، فكيف يمكن في ضوء كل ذلك أن يصدق المواطن الررقم الإحصائي الحكومي المدجن 3.75%!!
من حق المواطن من الطبقة الشعبية اليوم، وهو يعيش في ظل جنرال الأسعار الفتاك، وبدخل لا يتجاوز خط الفقر الذي من المتوقع أن يبلغ في ظل ارتفاع الأسعار 2900 شيكل شهريا للأسرة المكونة من ستة أفراد، وتحت وطأة العبء الضريبي الذي يصل في المتوسط إلى 22% من دخله، من حق هذا المواطن أن يتساءل في ضوء كل ذلك، كيف يمكن للحكومة أن تتركه نهشا للفقر والجوع وكله يدمي من قمع الاحتلال ووحوشه الضارية من المستعمرين المستوطنين!!! لصالح من يتم الاستخفاف بجنرال الأسعار حليف الإحتلال!!!!!
نابلس 19/1/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق