إضاءات على مفهوم الأنسنة
.... د. يوسف عبدالحق
هي تعبير حديث في الحضارة الانسانية ، ولا أدعي قصب السبق فيه ، بل
أساهم فيه بقدر استطاعتي ، ولعل الدكتور محمد أركون من الجزائر هو أول من أشار الى الأنسنة متفاعلا فيها مع
الحضارة الحديثة ، قصد منها وفق ما فهمت أن
العرب والمسلمين عموما وهو يناضلون من اجل حريتهم وحقوقهم وتقدمهم وهذا حق لهم
فإنهم لا زالوا ينظرون الى انفسهم بأنهم مركز الكون نسبة
للعالم الآخر ، وبالتالي رغم أنهم في الماضي حققوا انجازات يقر فيها الموضوعيون في
البحث العلمي ، فإنهم أي العرب والمسلمين ، ملزمون اليوم بالتفاعل مع الحضارات
الانسانية الأخرى ليس فقط من ناحيتها المادية بل ايضا من حيث انجازاتها الفكرية
والثقافية باعتبار ذلك منطلقا موضوعيا لحريتهم وتقدمهم لأنه يمكنهم من فهم ما يجري
في العالم وبالتالي الاستفادة من الانجازات العلمية العالمية في جميع المجالات
بدلا من التقوقع وندب الحظ العاثر.
وحين نظرت بدوري الى البشرية جمعاء وحدت العيب الذي أورده
أركون بخصوصنا نحن ، موجود ايضا في الحضارات البشرية الأخرى ، خلصت من ذلك بأن البشرية كلها لا زالت تفتقر الى الأنسنة،
بعد ذلك أدخلت موضوع العدالة الاجتماعية من حيث أنه لا يمكن
أن تكون هناك أنسنة لأي شعب أو فرد إذا كان هناك فيه أو بجانبه من يعاني قهر الفقر
والمرض والجهل المنتشر سواء عند العرب والمسلمين أو في
العالم الثالث أجمع، بل إن هذا هو ما نلاحظه ليس فقط في المجتمعات المتخلفة بل أيضا في
المجتمعات المتقدمة وإن كان بشدة أقل وبنسبة سكانية أقل وذلك بفضل النهب
الاستعماري القديم والامبريالي الحديث ، أي أن الفرق في القهر بيننا وبينهم أن
القهر الثلاثي المذكور ( فقر ، مرض ،جهل
)يصبح عندنا رباعيا بفعل الاستغلال الامبريالي،
رجعت للوراء موغلا في التاريخ فوجدت أن البشر الذين سموا
أنفسهم"
الإنسان" وأضفوا على مفهوم الانسان
معاني الانسانية النبيلة هم عمليا ليسوا كذلك ، بل هم في الحقيقة عاشوا في الغابة
كبقية الوحوش الكاسرة ولكنهم بحكم عقلهم المفكر بشكل أرقى بدأوا تطورهم نحو أن يصبحوا
إنسانا بالمفهوم النبيل المذكور رغم ادعاءاتهم الكاذبة بأنهم هم فعلا كذلك، وليس أدل على ذلك مما شاهده التاريخ البشري ومما نشاهده اليوم من فتك البشر في بعضهم البعض اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واجتماعيا وثقافيا
، أي أن البشر رغم أنهم قد بدأوا مسيرة التطور نحو القيم الإنسانية النبيله فإنهم في جلهم لا زالوا حتى اللحظة يمارسون قانون الغاب من أجل مزيد من الثروة
والسلطة،
بالطبع لا يعني ذلك أن الفكر البشري لم يتطور ولم يحدث تقدما
بشريا مثل ما نراه اليوم في الجانب المضيء من العالم ، لقد ساهمت كل المقولات
الفكرية والفلسفية الوضعية والسماوية التي ظهرت منذ التاريخ المكتوب للبشر أيام
السومريين في العراق قبل حوالي 6-7 آلاف
سنة في تحقيق الانجازات البشرية التي ميزتنا عن الوحوش الكاسرة ،
ولعل النظرية الاشتراكية التي جاء بها ماركس عبر قراءته للتاريخ البشري لها الفضل الأول والأساسي في التقدم الفكري والثقافي الذي نشاهده اليوم في عالمنا من خلال تحديدها للمحرك الأساسي لتاريخ البشر وهو الاقتصاد المتمثل في نوعين فقط على أرض الواقع وهما اقتصاد الملكية الخاصة لوسائل الانتاج واقتصاد الملكية العامة لهذه الوسائل، فالاقتصاد الأول جعل من حركة البشرية صراع بكل الوسائل المتاخة بين من يملك وبين من لا يملك من أجل تعظيم الثروة والسلطة للمالكين بحيث بات هذا الاقتصاد المسمى بالراسمالية هو مصدر الوحشنة التي نعيشها حتى تاريخه رغم المحاولات الجادة التي بذلها اقتصاد الملكية العامة أي الاشتراكي الذي نجح في استلام الحكم وتحدي الوحشنة الرأسمالية الى حد كبير خلال فترة محدودة من القرن العشرين ما لبث بعدها أن غاص في رأسمالية الدولة التي مارست خلال فترة نهاية ذلك القرن انحرافا قاتلا مما جعلها مثيلة للاقتصاد الرأسمالي في الوحشنة بل وأكثر منه في مجال الحريات العامة مما أدى في النهاية الى هزيمتها وهيمنة الرأسمالية بكل وحشنتها على مسيرة العالم كما نراها اليوم ،
إن هذا يعني أن المسيرة البشرية رغم مرورها بأنماط متعددة من الاقتصاد والحكم عبر آلاف السنين لم تتمكن حتى اللحظة من التخلص النهائي من مرحلة الوحشنة ، بل هي ورغم انجازات البشرية الكبيرة في مجال التخلص من الوحشنة لازالت في ظني وفي جوهرها، تعيش مرحلة الوحشنة رغم ادعائنا الزائف بأننا في مرحلة الانسانية،
ولعل النظرية الاشتراكية التي جاء بها ماركس عبر قراءته للتاريخ البشري لها الفضل الأول والأساسي في التقدم الفكري والثقافي الذي نشاهده اليوم في عالمنا من خلال تحديدها للمحرك الأساسي لتاريخ البشر وهو الاقتصاد المتمثل في نوعين فقط على أرض الواقع وهما اقتصاد الملكية الخاصة لوسائل الانتاج واقتصاد الملكية العامة لهذه الوسائل، فالاقتصاد الأول جعل من حركة البشرية صراع بكل الوسائل المتاخة بين من يملك وبين من لا يملك من أجل تعظيم الثروة والسلطة للمالكين بحيث بات هذا الاقتصاد المسمى بالراسمالية هو مصدر الوحشنة التي نعيشها حتى تاريخه رغم المحاولات الجادة التي بذلها اقتصاد الملكية العامة أي الاشتراكي الذي نجح في استلام الحكم وتحدي الوحشنة الرأسمالية الى حد كبير خلال فترة محدودة من القرن العشرين ما لبث بعدها أن غاص في رأسمالية الدولة التي مارست خلال فترة نهاية ذلك القرن انحرافا قاتلا مما جعلها مثيلة للاقتصاد الرأسمالي في الوحشنة بل وأكثر منه في مجال الحريات العامة مما أدى في النهاية الى هزيمتها وهيمنة الرأسمالية بكل وحشنتها على مسيرة العالم كما نراها اليوم ،
إن هذا يعني أن المسيرة البشرية رغم مرورها بأنماط متعددة من الاقتصاد والحكم عبر آلاف السنين لم تتمكن حتى اللحظة من التخلص النهائي من مرحلة الوحشنة ، بل هي ورغم انجازات البشرية الكبيرة في مجال التخلص من الوحشنة لازالت في ظني وفي جوهرها، تعيش مرحلة الوحشنة رغم ادعائنا الزائف بأننا في مرحلة الانسانية،
يترتب على ذلك أن البشر في طبعهم وحوش
وهم لا زالوا في مرحلة التحول من الوحوش إلى الانسان أي مرحلة تدجين البشر ليصبحوا
إنسانا أي أن البشر لا زالو بحاجة إلى مزيد من الأدجنة " التدجين"
وهو ما أطلقت عليه مصطلح أركون "الأنسنة"
بعد أن توسعت في مفاهيمه من المفهوم الثقافي إلى المفهوم الحياتي بكل جوانبه،
وفق ما سبق تصبح الأنسنة هي:
عملية تطوير الإنسان البشري ليصبح إنسانا مؤنسناَ يؤمن قولا وعملا، وبقناعة ذاتية بحق كل بشرٍ في الحرية ،والعدل ، والمساواة ،والديموقراطية ،والعدالة الاجتماعية بصرف النظر عن دينه ،أو عرقه ،أو لونه ، أو ثقافته ،أو جندره ( أنثى أو ذكر) ،
بهذا المنهج فقط يمكن البشرية عبر نضالات طويلة من تحقيق الأنسنة والتخلص من الوحشنة. 00
بهذا المنهج فقط يمكن البشرية عبر نضالات طويلة من تحقيق الأنسنة والتخلص من الوحشنة. 00
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق